الأحد، 2 سبتمبر 2012

الحادية عشرة / عريشة مطالبة بالنبيذ

طالما تجولت في افناء حديقتي وانا اجيل النظر بين اصناف الزهور وربما قطفت منها في عنوة

منها مايروق لي تقبيلها ومخاطبتها ، وكثيرا ماكانت مؤنستي

كان لي بين تلك الافواه المترنمة بشوق ، كثير عطر تنتشي به النفوس وعلى وجه الخصوص

في اوقات السحر حيث يخال للمرء انها حقا تناجي ربها

ذات سحر صحوت منزعجة من ألم في رقبتي فتناولت مرهما ورحت امسدها به

وانا أئن حتى غادر النوم مقلتي ولما ارتوِ منه بعدُ

فتمشيت في افناء تلك الورود وانا اتنسم منها عطورا زكية برهة


ثم خف الم الرقبة المتنشجة بفعل ذلك النوم الاهوج

عند مقعد بالقرب جلست ورحت امد الحديقة بالماء من انبوب السقي

قال لي ذات يوم بستاني اقتنيت منه بتلات ورد وغصن زيتون وعريشة عنب صغيرة ان السقي

يكون عند الفجر او المغرب وهو خير اوقاته


فاغمضت عيني احاول احتواء العطر واتشربه في اعماقي


كم هو منعش

بتلك الاغماضة استشعرت عذوبة الغفوة بين نسمات عبقة برائحة الورد ومنظرها الرائع وقد ترك

الندى على وجناتها قبلات ود

ليغادر في صداه رطوبة تزيدها في النفس جمالا واشراقا

كانت الاغفاءة هذه المرة عند عريشة للعنب تحمل اعناقها ثمارا يانعة

تحت العريشة والتي بدت كبيرة على الرؤية جدا جدا

منظر مذهل رأيت تحتها رجالا خلتهم لوهلة يستظلون بظلها لائذين من حر قيظ لاهب

لكني لمحت اكفهم تمتد بهمجية وهي تلتقط ضروع العريشة

ثمة بين الرجال من كان يحاول ان يتخيلها ضرعا فيمد منه الشفتين تحتها ليرتضع عسلا من

ماجادت به قرابها


كم هو اهوج !!!!

ورحت اخاطبه في نفسي :

قطع الله يدك أفلا تتركها تنعم بارتشاف الماء وانت تتمثلها نهدا

يدرك لبنا


بعض الناس لايحسنون معاملة النعم

كانت الاكف تمتد لتقتنص كل عنقود شارد او وارد من عناقيد الشجرة الحبيبة


ثم تصير الى سلال تحفظها حتى اذا امتلأت بها السلال راح احدهم يحملها نحو عربة تقلها الى مصنع المشروبات الروحية

لتكون نبيذا يخلب اللب ويؤسس لجنون هذيان

كان يرفع السلة لينقلها الى العربة لكنها اتنفلتت من يده بخطف البصرلتتناثر في الافاق


وتلتصق باسفلت الرصيف الحار والمعشق بحبا الحصى وبعض الرمال انثرت

عصية على ان تكون خمرا ،


صحوت وفي انفاسي بقايا رائحة اوراقها الرطبة بفيض الماء الذي سقيتها

عصية عريشتي على ان تكون نبيذا


بعد يومها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق