الأحد، 23 سبتمبر 2012

قصة صداقتي مع القلم

ولى اقدم صداقاتي مع القلم
****************
((صورة لاشيئ الا الموت يمحوها))
متعبا يأتي كل يوم من عمله ،يحتضن صغاره ويوزع قبلاته على جباه ذكورهم ،
فيما تحظى وجنات اناثهم بقبلات ارق ....ثم يشرع بيد لاكتها الحياة وتفردت بالقاء اعبائها عليها
يشرع بقسمة اشياء اخرى ايضا بين اولئك الصغار ،انها فاكهة كيسه الورقي الاسمر الورم بمايحفل .

كنت في الثامنة من عمري الهو احيانا وحدي عند دكة باب البيت متأملة المركبات المتواضعة الرائحة جائية بطريق ترابي آنذاك وانا ارنو اليها بعينين فارغتين انظر الى مشاهد عديدة التمس تفسيرات لما يحدث واحيانا لما يجب ان يحدث في الشارع على ان شيئا ما في غوري يحدثني باشياء اخرى اكبر لا اكاد اتبينها او دوافعها الا ان عقلا اكتمل وشاخ وتفرس في الامور ، بحيث وطئته اعباء الحياة ،ذلك العقل يخبرني الان بدوافعها .

انه يخبرني عن صخبي الروحي في حديث النفس لذا لا انبس ببنت شفة ، فطالما كنت العب مع اقراني او قريناتي و كثيرا ما داهمتني تلك الافكار الطوباوية احيانا اصنع من السقف طريقا امشي عليه بالمقلوب واصيح بتؤامي –اختي- بنبرة فيها تحدٍّ كبير :اليَّ اليَّ ..هل يمكنك الان الامساك بطرف ثوبي ؟
ثم اقهقه عاليا ..........منتشية بنصر باهر على (خضراء العينين ) اختي ، تعويض ما اشعر انه ياخذني الى عالم ينصفني من تلك الام التي تشعرني بكبير اهتمامها باختي وطالما حدثتني نفسي ان نصيب اختي من اهتمام امي جنون ،لانها تحمل ذات لون عينيها وبعد انتهاء سورة من الغيرة اطأطئ راسي خجلا من افكاري الشيطانية واحاول نزع اشواك تلك الافكار بقلب دامٍ ، لكن عزاء يلوح لي على المدى يلحم رأب الصدع في جمجمة النفس الكبيرة ،انه حنان ابي .

كل يوم ألمحه يعود من عمله كالَّا ويداه ملوثتان ببقايا نشارة الخشب والغراء واصباغ الاثاث ..وعادة ما كانت امي تأتيه عجولة بالماء والصابون لتغدق عليه من البركات لهذه اليد الكالَّة مساء وفي العطل صباح مساء .
سمعته يوما يدخل ليناديني –ولاشيئ يعدل فرحتي بندائه- لانبري متربعة في حضنه المجهد فياخذ في عناقي وهو يخبئ لي في يديه شيئا خلف ظهره متحديا :ان لم تقبِّلي بابا فلن يعطيك الحلوى ،ودونما اجابة مني افر اليه كحمامة تتوق لحبة قمح فاتسلق صدره نحو ذقنه واطبع قبلة امتنان لاتحجَّم على خده الايمن ولايتوانى عن ان يمنحني بعدها خده الايسر وهو يقول :بعد ،من هنا .فاطبع قبلة لاهثة واسترق نظرة للحلوى المخبأة من فوق اكتافه، قبل ان احظى بها .

كانت قبلاتي تركض مطواعة نحو ذينك الخدين ليلهبني في قبالها بقبلات على جبيني ... وعلى شفتيَّ احيانا ،حنان فيه تعويض .

امي لم تكن قاسية معي لكن شعورا بفرط اهتمامها باختي –قياسا لما تمنحني –هو مايلقي بظلال الافكار الشيطانية على روحي والتي سألعنها بعد حين .

في يوم من الايام عاد ابي متعبا جدا ومتعصبا وهو يصرخ بأخي المشاكس الذي يكبرني بعامين ،رأيت شرر غضبه فاجتاحتني موجة رعب فلذت خلف خزانة الملابس فزعة .........ياالهي !كيف ساقبّل ابي الان ؟تواردت الخواطر والافكار الطوباوية تغزو فكري وروحي معا فتملكتني حالة جنون لكن هادئ خشية ان يلمح ذلك ابي الغاضب .

برهة ثم سكت عنه الغضب فناداني ، آآآآه كيف ساخرج الان وهو يجلس قرب الخزانة ؟!
كنت ما ازال اخوض بافكار العقاب وتساؤلات تلصص على فكري ترى ماذا سيفعل ابي ؟كيف سيعاقبه ؟
كانت ضربات قلبي تتصارع ، ويلاه كيف ساخرج الان ؟ تذكرته يتأبط جريدته التي يقتنيها من بائع متجول يمر بمحل عمله يوميا لانه يعرفه قارئا جيدا ....تلك الجريدة التي رمى بها على الارض قبل ان ياخذ باذان اخي معا ويصرخ به .

ترى ماذا في تلك الجريدة ؟لعل مافيها قد زاد من غضبه ولكن ماهو على اية حال ؟ذلك كان احد الاسئلة الملحة على فكري من روح صاخبة .

تمنيت ان يغادر ابي الغرفة لاحظى بنظرة فلعل فيها تعليل لغضبه .وبعد طول انتظار فوجئت بقيامه منتصبا ليتجه الى الباب مناديا امي فتسللت على اطراف اصابع قدمي مسرعة نحو الجريدة لاسترق نظرة واعيدها نظرة على مازرعته من افكار في نفسي تناولتها واخذت ابحث بنهم عن ضالتي لكن عبثا كان بحثي فلم اجد سوى اعمدة سوداء لكتابة بحروف عربية فاين الصورة التي اغضبت ابي ؟اذن لابد ان المكتوب فيها هو ما اثار غضبه ولكن ياربي كيف اعرف ؟

كنت طفلة في الصف الثاني فانّى لطفلة بهذا العمر البرعمي ان تقرأ اسباب وحوادث ، بينما بالكاد علمتنا المعلمة حروف العربية ؟ لا ان هناك كلمات معدودة تعلمنا نطقها فكيف ساقرا مع هذا التعلم المتواضع ؟

كيف ساقرا غضب ابي ؟ كل ذلك وانا على يقين ان اخي قد كسر مرآة كبيرة بضربة كرة تلك المرآة العزيزة على قلب ابي والتي علّقها عند مدخل المنزل اعتزازا بها لانها صنع يديه وقد اطرها باطار من خشب الساج الراقي فجاءت لوحة رائعة ، حق لاسرتنا الاعتزاز والفخر بها . افلا يكفي هذا الحدث سببا لغضب غير معهود من قبل ابينا ؟


عدت بنظري الى الجريدة بعد ان سرح خيالي قرات كلمة (في ) الله.... نعم لقد علمتنا المعلمة الحروف العربية واستوعبتها جيدا ، ان غضب ابي لم يشجب ذاكرتي عن حروف رائعة كم هي سهلة !ف ي ...في ...ورحت اطمح ان اقرا كلمة اخرى ،
حرفا حرفا نطقت بحروفها لكن قراتها بشكل مضحك لا اكاد اتبينها الان ،ثم سرحت ...لا ماهكذا تقراأ ياربي كيف تقرأ ؟
اهدتني احدى الكلمات الى قراءتها متذكرة كيف تنطقها المذيعة في التلفاز نعم هكذا تقرا ساقراها وقراتها ..........الله
انها افضل لعبة كم انت رائع يا ابي ؟!لعبة الكلمات المصفوفة بالاحرف والمتراقصة على سلم الجريدة ....اخرى واخرى ، والفرحة تغمرني وفي وسطها تردد على سمعي صوت ابي ضاحكا....يا الله كان يقهقه ....الحمد لله هكذا بعد الشدة يحظى المرء بقراءة سلم الجريدة هل هو سلم ؟؟؟هكذا تراءى لي ولم اكن املك تسمية اخرى لعمود الجريدة تلك الايام .

قرأت وتجاوزت ثلاثة أسطر، فعنت لي فكرة :ساقراها على ابي وافاجئه قبل ان يطلب قبلات الوجنتين .
ودونما وعي وجدتني اتلعثم بطرف ثوبي راكضة نحوه بالجريدة كان واقفا وبيده حبة فاكهة كبيرة اسمها المانجو اكبر من البرتقالة ولونها مثل لون البرتقالة وقد اشار الي بها ...مطمع القبلات فقلت له :ابي اريد ا ن اقرأ لك فضحك عاليا وهو يسمعني ........

اي بابا الاتصدق ؟انظر : في وطنه يكتب ...........كنت اقرا ونفسي تحدثني صاخبة وانا اقرأ واقرأ وعيناي مسمّرتان على الكلمات لكن نفسي تنظر الى فم أبي المفغور على حديه دهشة بقراءتي ،كانت نفسي تطير بتلك الدهشة ولم اكن انظر اليه بعد فلم اشعر الا ويداه ترفعانني الى صدره ثم اعلو واعلو واطير واطير لا ادري اي مدى بلغت !!!!!

كان ذلك اول عهدي بقلم خط حروفه ، فمتى كان عهدي بأول قلم خط حرفي ؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق